الهادي ولد أحمدو |
تداعى منذ الاستقلال بضع رؤساء لموريتانيا أعظم ما يميز كل منهم هي الارتجالية
في القرارات المصيرية و عدم الركون إلى العقل المتزن و استشارة أهل الخبرة و
التخصص.و إذا كانت السياسة كما عرفها طلبة الطلبة هي حياطة الرعية بما يصلحها لطفا
و عنفا.إلا أنها في موريتانيا بقيت مرتبطة بمزاج الحاكم و نزوعه نحو الشهرة أو المحاباة أو جمعا للمال أو جهلا بمقتضيات
السياسة العصرية و تقليد السلطان في العصور الخالية عن طريق تمركز السلطة في يد
الزعيم وحده بالرغم من وجود الهيئات الدستورية التي أصبح وجودها صوريا في أحسن
صوره . أما السمة الثانية للأنظمة البائدة و التي يمكن إسقاطها على إدارتنا فهي
ارتباطها بالاحترام و التقديس و خلع القداسة على شخص الرئيس مما يولد لديه رغبة
جامحة بالإنفراد بالحكم و تقزيم غيره من المجالس و الهيئات.
إن من تداعيات الارتجال و العفوية في اتخاذ
القرارات بكافة مستوياتها ما يعانيه قضاؤنا من تهميش و تدخل سافر من أصحاب النفوذ
في الدولة ، بدءا من تلفيق التهم مرورا بتجاهل الوقائع و انتهاء بإصدار الأحكام
الجزافية ، إن دولة لا تحترم قضاءها حري بها أن لا توجد فمصيرها الجمود و التخلف.
كذلك من تداعياتها الإحباط الذي يشعر به المجتمع من هذه الحكومة ذات المزاج في
التعاطي مع القضايا ، (على سبيل المثال لا الحصر التعامل مع إضرابات التعليم و
الصحة) ، كذلك فإن القانون وجد ليعطي كل ذي حق حقه و هو ما لا يمكن تحقيقه في سياق
منع الحكومة ورئيسها من المساءلة و المحاكمة لكن القانون وجد أيضا ليحمي ثروات
البلاد من النهب و التبذير و عندما يعطل من الذي سيحمي ثروات البلاد هل هو ورع
الرئيس و تجنبه للشبهات أم ورع و تحرج وزرائه
و هم الذين لم يشهد لهم أحد يوما بحسن السيرة و السلوك اتجاه المال العام و لم
يسمع عن أي منهم مثل ذلك الورع من قبل و
لا من بعد. أما أن يعطل القانون و يتركوا على مزاجهم و هواهم بل و نجد بعد ذلك من
المجتمع بل و من مثقفيه من يثني على فلان منهم أو فلان بحجة أنهم لم يقتاد أي منهم
بعد للسجن و لا إلى المشنقة.
إني والله
أوصيهم بما أوصى الرسول صلى الله عليه و
سلم أبا هريرة قائلا ::" يا أبا هريرة كن ورعا تكن أعبد الناس " و هذه النصيحة ليست حرصا مني عليهم بقدر ما هي
حرص على ثروات البلد أن تنهب و تستغل للأغراض الدنيئة و حرص على بقاء فضل كرامة و
إباء منهم عند هذا الشعب ، ما دام القانون ليس بعد سيد الموقف. و إلى أن تتحقق
دولة القانون و العدالة التي يتساوى فيها الجميع و يخاف فيها الجميع من المخالفة
كخوفهم من العقاب أحكي بعضا من روائع المأثور عن الورع حيث عند الحسن البصري: "ملاك الدين الورع". أما ابن
المبارك فقد رجع من خراسان إلى الشام في رد قلم استعاره منها ، وأبو يزيد إلى
همدان لرد نملة وجدها في قرطم اشتراه وقال: غريبة عن وطنها ، وابن أدهم من القدس
للبصرة لرد تمرة فأين أنتم من قوة ورع هؤلاء و نرجو أن يخاف من الحكومة على آخرته
من لم يخف على دنياه بعد منهم . أما القصة الأخرى فقصة أكتفي بذكر أبطالها و هم
الشعب المصري و التونسي و الليبي و قريبا الموريتاني حتى يعود للقانون و القضاء
الهيبة والمصداقية و القوة التي لا وجود لهما بدونها.elhadiahmedou@yahoo.fr
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.