الاثنين، 21 مايو 2012

مدينة أطار تضمن البقاء وتأبى الاندثار


     محمد سالم ولد بيدده
مدينة أطار هي تلك المدينة الشامخة بين الجبال الراسيات والواقعة 450كلم شمال العاصمة الموريتانية أنواكشوط وترابط أطار 9كلم شرق جبل (أنطرزي)حاضرة آزوكي حيث ضريح إمام المرابطين : أبي بكر محمد بن الحسن الحضرمي    ،وتجلس في حضن جبال آدرار كما يجلس الوليد في حضن أمه بسكينة ووقار فكلمة أطار تعني باللغة الصنهاجية (الطريق) وتبعد 80 كلم غربا من مدينة شنقيط التاريخية التي تسمت بلادنا باسمهاوأنتشر شعاعها العلمي والحضاري ومن سوى تلك الجهة تبقى المدينة محفوفة من كل الجهات الأخرى بواحات النخيل بشتى أنواعه:الحمر- تجب- لمدينه- أدغد- سكاني- آمصخصي- سلمدينه- راص لحمار-أمسين:وهو ذكر النخيل ....الخ وتتغذى هذه الواحات على سيول أودية :تنقراده- الطواز- آمديرات- تزكرز- ترون – أتويزكت – أنتيد- أجريف
وتعود نشأة مدينة أطار إلى نهاية القرن السابع الهجري ويبدو جليا للقادم إلى المدينة والمتجول في شوارعها أقدم أحيائها ألا وهو حي المسجد العتيق المعروف محليا ب(كرن الكصبه)الواقع في غرب المدينة وتطلق قديما على باب الحصن الذي كان يأمنها ويمتازهذا الحي بضيق شوارعه وعدم ملائمتها هذه الأيام لوسائل النقل الحديثة كالسيارات والعربات...الخ
 وتشهد أطار حاليا ركودا واسعا في شتى المجالات حيث أنها كانت في كثير من الأحيان تعتمد السياحة في سد رمق مكتسبها ومع تعليق أوائل رحلات السياح إلى المدينة علق الكثير من أبناء ها أمتعتهم في أعناقهم وتركوها بحثا عن قوتهم اليومي في أي مكان وصارت المدينة مهجورة بفعل ذلك الركود الذي شمل الأخضر واليابس 
فغياب السياحة انعكس سلبا على جميع الأصعدة فالمدينة هي عاصمة البلاد السياحية فلو أنه  - لا قدرالله – تم استنزاف خيراتنا السمكية أو المنجمية ولم يبقى إلا البحر أوالجبال فمن يستعد للبقاء في مدينتي أنواذيبو وأزويرات؟ 
أما أطار فلم يذهب رجالاتها الأوائل حتى تركوا لها ولجميع أنحاء ولاية آدرار ما يضمن للساكنة البقاء حتى ولوكان ذلك البقاء موسميا فآباءنا غرسوا لنا النخيل شامخا وأودعونا جذوعه (صنوان وغير صنوان) وأدبونا على حب فسيله وتغذيته – ردا للجميل – كما تغذينا نحن على ألذ رطب أمهاته .
وحتى الآن ما تزال مدينة النخيل بحاجة إلى من يرسخ في مجتمعها ثقافة النخيل فأمراضه منتشرة هي الأخرى وخبرائه لا يكادوا يتجاوزون 7سبعة أشخاص يتوزعون على مساحة الولاية الشاسعة ،ولم تعد هنالك مصانع للتمور لامتصاص البطالة ولا مساعي للحفاظ على ثروات المدينة الإنتاجية
أما حجارة أطار فقد استغلت لأرصفة شوارعها الرسمية وتزيينها وزخرفتها ،ولكن هذه الأشغال غاب خلالها الضمير المهني والوطني وطغى عليها الجشع والطمع وأصبحت عبارة عن (خاث باث )ويتضح ذلك لسالك هذه الأرصفة لما يتخللها من هفوات ونقص مادة الاسمنت وزيادة التربة فيها وعدم  انبساطها لسيلان الماء ناحية الصرف الصحي أو الحفريات المعهودة لذلك.
الهجرة التي تشهدها مدينة أطار شملت كذلك هجرة واسعة للشباب المثقف المؤمن بروح التضحية في سبيل توعية مجتمعه وتثقيفه والسير به في خطى ثابتة نحو مستقبل يضمن البقاء ويأبى الاندثار ،ويبقى الشباب هو الآخر موسميا حيث تعد فترة العطلة  الصيفية مناسبة يلتقي خلالها أبناء المدينة القادمين من كل أنحاء الوطن لقضاء أيام في حضن مدينة الكرم والضيافة (أطار)أوفي جنبات أوديتها -  واستجابة لنداء التمور – مما يضفي طابعا استجماميا على هذه العطل على حساب الأسابيع الثقافية والأيام التشاورية والتفكيرية والمخيمات والحملات التطوعية التي تخدم المدينة لتستعيد الذاكرة الجمعوية لأبناء هذه المدينة مدى حرص الأوائل في تلك الفترة على اقامة مدينة من أروع وأجمل وأقدم مدن البلاد ومدى حرصهم كذلك على توفير جميع مقومات الحياة لضمان بقاءها     
 ومن هنا فانه يجب على كل أبناء المدينة والولاية ككل من مثقفين ورجال أعمال وسادة رأي وحكماء وشباب ونساء أن يقفوا وقفة رجل واحد في وجه التحديات التي تعصف بمدينتهم ومحاولة استعادة  قطارها إلى السكة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.